
بقلم: فريق Enji369
في زقاق ضيق من أزقة المدينة العتيقة، كانت “سمر” تمضي أيامها بين الجدران المتداعية، تنسج أحلامها على نول الأمل، وتحوك أيامها بالخيط الرفيع من الرجاء. لم تكن الحياة تمنحها أكثر من كُسرة خبز وقبضة من الأحلام المعلقة في سقف الزمن.
كانت الأمسيات تتوالى ثقيلة، كأنها قوافل من التعب، حتى جاءت تلك الليلة التي قلبت صفحات عمرها رأسًا على عقب. عثرت على هاتف ذكي مهمل فوق الرصيف، كأن القدر بعث به رسولًا من عالم آخر. ترددت أن تلمسه، وكأن بينه وبينها بحرًا من الحذر، لكنها امتدت يدها المرتجفة، ولامسته كما يلامس العطشان أول قطرة ماء.
ومن تلك الشاشة الصغيرة، انبثقت لها عوالم لم تحلم بها يومًا. دخلت منصات التعلم، فتعلّمت البرمجة بلغة كانت تبدو لها يومًا طلاسم مغلقة، ودرست التسويق الرقمي حتى أتقنته، وصارت تدير حسابات الشركات عبر الفضاء الأزرق. لم تعد الجدران سجنًا لها، بل صارت نوافذ تطل منها على آفاق لا نهاية لها.
كبرت أحلامها كما تكبر النبتة تحت دفء الشمس، وبدأت ملامح مستقبلها ترتسم بثبات، لا على الورق، بل على ضوء الشاشات ووميض الأزرار. أصبحت تُلقي محاضرات عن بُعد، وتكتب مقالات تُنشر تحت توقيعها في صحف عريقة. من فتاتِ الأمس صارت قامة شامخة، تسير بخطى الواثق، حاملة بين كفيها مصباحًا صغيرًا من ضوء التكنولوجيا، تُنير به دروب العابرين خلفها.
هكذا إذن، كانت التكنولوجيا مفتاحًا حرّر قلبًا صغيرًا من قيود الجهل، وفتح له أبواب المجد، حتى صارت “سمر” اسمًا تتهامس به الألسن، أنشودة لكل فتاة قابعة خلف ظلال الحرمان تنتظر قبسًا من نور.
Add comment
Comments